Sunday, 20 May 2018

أحكام المواريث

أحكام المواريث
الحمد لله الذي خلق كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، الذي أرسله ربُّه هاديًا ومُبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
أما بعد:
فإن علمَ المواريث مِن العلوم المُهمَّة في الشريعة الإسلامية، والتي يجهلها الكثير من المسلمين؛ من أجل ذلك أحببت أن أُذكِّر نفسي وإخواني الكرام ببعض أحكام المواريث.

معنى الفرائض:
الفرائض في اللغة: جمع فريضة، والفريضةُ مأخوذةٌ من الفرض، بمعنى التقدير، يقول الله سبحانه: ﴿ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ﴾ [البقرة: 237]؛ أي: قدَّرتُم.

والفرض في الشرع: هو النصيب المُقدَّر للوارث، ويُسمَّى العلمُ بها علمَ الميراث، وعلم الفرائض؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق، جـ4 صـ328).

علم المواريث:
علم المواريث: هو قواعدُ وضوابطُ يُعرَف بها نصيبُ كلِّ مستحقٍّ في تركة الميت؛(رد المحتار على الدر المختار؛ لابن عابدين جـ6 صـ757).

مشروعية الفرائض:
كان العربُ في الجاهلية قبلَ الإسلام يُورِّثون الرجالَ دون النساء، والكبارَ دون الصغار، فأبطَلَ اللهُ تعالى ذلك، وأنزل: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11]؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق جـ4صـ328).

روى الترمذيُّ عن جابر بن عبدالله قال: جاءتِ امرأةُ سعدِ بن الربيع بابنتَيْها مِن سعد إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، هاتانِ ابنَتَا سعدِ بن الربيع، قُتِل أبوهما معك يومَ أُحُد شهيدًا، وإن عمَّهما أخذ مالَهما، فلم يَدَعْ لهما مالًا، ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال: ((يقضي الله في ذلك))، فنزلت آية الميراث، فبعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى عمِّهما، فقال: ((أعطِ ابنتَي سعدٍ الثُّلُثينِ، وأعطِ أمَّهما الثُّمُن، وما بقي، فهو لك))؛ (حديث حسن؛ صحيح الترمذي للألباني حديث: 1701).

فضل علم المواريث:
علم الفرائض (المواريث) له منزلةٌ عظيمة في الإسلام، يكفيه شرفًا أن الله تعالى هو الذي تولى بيان نصيب جميع الورثة.
روى الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحمُ أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في أمرِ الله عمر، وأصدَقُهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَي بن كعب، وأفرضُهم (أعلمهم بعلم المواريث) زيدُ بنُ ثابت، وأعلمُهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمةٍ أمينًا، وإن أمين هذه الأمة أبو عُبَيدة بن الجرَّاح))؛ (حديث صحيح؛ صحيح سنن الترمذي للألباني حديث: 2981).
في هذا الحديث الشريف منقبةٌ لزيد بن ثابت، فهو مِن أعلم الصحابة بالمواريث.

الحقوق المتعلقة بتركة الميت
تعريف التركة:
التركة: هي كلُّ ما يتركه الميت من الأموال مطلقًا؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق جـ4 صـ 329).
الحقوق المتعلقة بتركة الميت هي على الترتيب الآتي:
(1) تكاليف تجهيز الميت، وهي كل ما يحتاجه الميت من الكَفَن والغسل والدفن، ونحو ذلك، فيُقدَّم هذا على جميع الحقوق.

(2) سداد جميع الدُّيون المتعلقة بالميت، ويُقدَّم سداد الدَّيْن على الوصية.
روى الترمذي عن علي بن أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدَّين قبل الوصية؛ (حديث حسن؛ صحيح الترمذي للألباني حديث: 1073).

قال الإمام الترمذي رحمه الله: العمل على هذا عند عامة أهل العلم، أنه يبدأ بالدَّين قبل الوصية؛ (سنن الترمذي جـ4 صـ 363).

(3) تنفيذ وصية الميت المشروعة من ثُلُث التركة فقط.
ودليل تقديم الوصية والدَّين على حقوق الورثة قولُه تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 11].

(4) تقسيم باقي التركة على الورثة المستحقين، قال الله تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11]؛ (الفوائد الجلية في المباحث الفرضية؛ لابن باز صـ9)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ11).

أركان الإرث:
أركان الإرث ثلاثة؛ وهي:
(1) مُورِّث.
(2) وارث.
(3) مَوْرُوث.
فالمُورِّث: مَن انتقلتِ التركةُ منه، وهو الميت.
والوارث: مَن انتقلت التركة إليه.
والموروث: التركة؛ (رد المحتار على الدر المختار؛ لابن عابدين جـ6 صـ758)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ18).

شروط الإرث:
شروط الإرث ثلاثة؛ وهي:
الأول: موت المُورِّث حقيقةً أو حكمًا، ويحصل تحقُّق الموت بالمشاهدة، أو شهادة عدلينِ.
وأما الموت حكمًا: فذلك في المفقود إذا مضَتِ المدةُ التي تُحدَّد للبحث عنه.

الثاني: تحقق حياة الوارث بعد موت المُورِّث، ولو لحظةً، حقيقةً أو حكمًا؛ كالحمل (الجنين)، فإنه يرث بشرطين:
(1) تحقُّق وجود الحمل في الرَّحِم حين موت المُورِّث ولو نطفةً.
(2) انفصال الحمل حيًّا، حياةً مستقرَّة.

الثالث: العلم بالسبب المقتضي للإرث؛ لأن الإرث مُرتَّب على أوصافٍ؛ كالولادة، والأبوَّة، والأُخوَّة، والزوجية، والولاء، ونحو ذلك؛ (رد المحتار على الدر المختار؛ لابن عابدينجـ6 صـ758)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ19: 18).

أسباب الإرث:
أسباب الإرث ثلاثة؛ وهي: النكاح، والنَّسَب، والولاء.
أولًا: النكاح: وهو عقدُ الزواج الصحيح بين الرجل والمرأة، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12].

ثانيًا: النَّسَب: وهو القرابة، وهي الاتصال بين شخصينِ عن طريق الولادة، سواء كانت قريبة أم بعيدة، وينقسم النسب إلى ثلاثة أقسام؛ وهي:
(1) الأصول: وهم الآباء وآباؤهم، إن علَوا.
(2) الفروع: وهم الأبناء وأبناؤهم، وإن نزلوا.
(3) الحواشي: وهم الإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم.
قال الله تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: 75].

ثالثًا: الولاء: عصوبة تثبُتُ للمُعتِق وعصبته بسبب نعمة السيد على عبيدِه بالعتق، فيرث بها المُعتَق هو وعصبته.
روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الولاء لمن أعتَق))؛ (البخاري حديث: 2156 / مسلم حديث: 1504).

روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يُباع ولا يُوهَب))؛ (حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني حديث: 7157).

فمَن أعتق عبدًا ثم مات العبد وكان له مالٌ، ورِث سيدُه هذا المال، ولكن العبدَ لا يرث شيئًا من مال سيده، ولو لم يكن للسيد ورثة؛ (الفوائد الجلية، في المباحث الفرضية؛ لابن باز صـ10)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ21).

العصبة:
التعصيب في اللغة:
مصدر عصب يعصب تعصيبًا، وهو مشتق من العصب بمعنى الشد والتقوية أو الإحاطة.
وعصبة الرجل: هم بنوه وقرابته من الذكور من جهة أبيه، سُموا بذلك لإحاطتهم به، أو لشد بعضهم أَزْرَ بعض.

العاصب في الشرع:
هو الوارث بغير تقدير، وإذا كان معه ذو فرضٍ أخذ ما فضل عنه، قلَّ أو كَثُر، وإن انفرد العاصب أخذ الكل، وإن استغرقت الفروض المالَ سقط.

روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَلْحِقوا الفرائض بأهلِها، فما بقي فهو لأَوْلَى رجلٍ ذَكَر))؛ (البخاري حديث: 6732 / مسلم حديث: 1615)؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ9).

موانع الإرث:
موانع الإرث ثلاثة؛ وهي:
(1) اختلاف الدين؛ فلا يرث المسلم مال الكافر، ولا يرث الكافر مال المسلم.
روى الشيخان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ))؛ (البخاري حديث: 6764 / مسلم حديث: 1614).

(2) الرق: وهو العبودية: فالعبد لا يرث سيده؛ لأن كل ما يملكه العبد هو ملك لسيده.
روى الشيخان عن عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن ابتاع (اشترى) عبدًا وله مال، فماله للذي باعه (أي لسيد العبد)، إلا أن يشترط المبتاع))؛ (البخاري حديث: 2379 / مسلم حديث: 1543).

(3) القتل:
القاتل لا يرث مَن قتله، سواء كان القتل عمدًا أم خطأً؛ وذلك سدًّا للذريعة، ولئلَّا يدعي العامدُ أنه قتل خطأً، ويرى بعض العلماء أن القتل الخطأ لا يمنع من الإرث؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ150 / 151)، (الفوائد الجلية في المباحث الفرضية؛ لابن باز صـ12)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ28).

الحجب:
الحجب في اللغة: المنع.
الحجب في الشرع: منع مستحقِّ الإرثِ من الميراث كلِّه أو بعضه.
وينقسم الحجب إلى قسمين: حجب بوصف، وحجب بشخص.

أولًا: الحجب بالوصف:
أن يكون في مستحقِّ الإرث مانعٌ مِن موانع الإرث (اختلاف الدِّين، والرِّق، والقتل)، والمحجوب به يكون كالمعدوم، فلا يحجُب غيرَه ولا يؤثِّر عليه.

مثل أن يموت شخص عن: أمه، وأخته من أبيه، وأخيه من أبيه وهو مخالف له في الدين، وعمه؛ فللأم الثلث، وللأخت من الأب النصف، وللعم الباقي، ولا شيءَ للأخ مِن الأب.

ثانيًا: الحجب بالشخص:
أن يكون مستحق الإرث محجوبًا بشخص آخر.
الحجب في الأصول: كل ذَكَرٍ يحجب مَن فوقه من الذكور؛ مثل الأب يحجب الجد.
الحجب في الفروع: كل ذَكَرٍ يحجب مَن تحته؛ مثل الابن يحجب ابن الابن وبنت الابن.

الحجب في الحواشي:
(1) جميع الحواشي يُحجبون بالذكور من الأصول أو الفروع؛ مثل الأب يحجُب جميعَ الإخوة.

(2) الإخوة من الأم يُحجبون بالإناث من الفروع؛ مثل أن يموت شخصٌ عن بنتِه وأخيه من أمه، وأخيه الشقيق؛ فللبنت النصف، وللشقيق الباقي، ولا شيء للأخ من الأم.

(3) الإخوة من الأب يُحجبون بالذكور من الأشقاء؛ مثل أن يموت شخص عن أخته من أمه، وأخته من أبيه، وأخيه الشقيق؛ فللأخت مِن الأم السدس، وللأخ الشقيق الباقي، ولا شيء للأخت من الأب.

الحجب في التعصيب:
(1) الأسبق جهةً يحجُب مَن بعده.
(2) الأقرب منزلةً يحجُب الأبعد.
(3) الأقوى قرابةً يحجُب الأضعف؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ47: 45).

أصحاب الفروض:
أصحاب الفروض هم الذين لهم فرض (أي نصيب) من الفروض الستة؛ وهي:

وأصحاب الفروض اثنا عشر:
أربعة من الذكور؛ وهم: الأب، والجد الصحيح وإن علا، والأخ لأم، والزوج.
وثمان من الإناث؛ وهن: الزوجة، والبنت، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، وبنت الابن، والأم، والجدة الصحيحة وإن علَتْ؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق جـ4 صـ333).

الجد الصحيح والجد الفاسد:
الجد الصحيح: هو الذي يمكن نسبته إلى الميت بدون دخول أنثى؛ مثل: أب الأب.
الجد الفاسد: هو الذي لا ينسب إلى الميت إلا بدخول الأنثى؛ مثل: أب الأم، (فقه السنة؛ للسيد سابق جـ4صـ334).

العَوْلُ:
العول في اللغة: الارتفاع؛ يقال: عال الميزان إذا ارتفع، ويأتي العول أيضًا بمعنى الميل إلى الجَوْر (الظُّلم)، ومنه قول الله سبحانه: ﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3]؛ (أي: ألا تجوروا).
العول في الشرع: زيادة في سهام ذوي الفروض، ونقصان من مقاديرِ أنصبتهم في الإرث.

مثال للعول:
تُوفِّيت زوجة عن زوج، وأختين شقيقتين، فالمسألة من ستة: للزوج النصف، وهو ثلاثة، وللأختين الثلثان؛ أي: أربعة أسهم، فيكون مجموع السهام سبعة، فتقسم المسألة إلى سبعة أجزاء، للزوج النصف، ويكون ثلاثة أسباع، وللأختين الثلثان، فيكون أربعة أسباع؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق جـ4صـ346).

الرد:
معنى الرد في اللغة: الإعادة؛ يقال: رد عليه حقه؛ أي: أعاده إليه.
معنى الرد في الشرع: ردُّ ما فضل مِن فروض ذوي الفروض النسبية إليهم بنسبة فروضهم، وبذلك تزيد أنصبتهم، وذلك عند عدم استحقاق الغير.

أركان الرد:
لا يتحقق الرد إلا بوجود ثلاثة أركان؛ وهي:
(1) وجود صاحب فرض.
(2) بقاء فائض من التركة.
(3) عدم وجود العاصب؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق جـ4 صـ348).

ميراث أصحاب الفروض:
(1) ميراث الزوج:
ميراث الزوج من زوجته النصفُ إذا لم يكن لها فرع وارث، فإن كان لها فرع وارث فللزوجِ الربعُ، والباقي للأبناء تعصيبًا.

الفرع الوارث: هم الأولاد، وأولاد الأبناء، وإن نزَلوا، قال تعالى: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12]؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ21).
مثال إرثِه النصفَ: ماتت امرأة عن زوجها وأبيها، فللزوج النصف، وللأب الباقي.

مثال إرثِه الربعَ: ماتَتِ امرأةٌ عن زوجها وابنها، فللزوج الربع، وللابن الباقي؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ13).

(2) ميراث الزوجة:
نصيب الزوجة مِن مال زوجها الثُّمنُ إن كان له ولدٌ، والرُّبُع إن لم يكن له ولد، فإن كان معها زوجة أخرى أو زوجات، فالثمن بينهما، أو بينهن، بالتساوي؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ21).
مثال إرثها الربع: مات شخص عن زوجته وأبيه، فللزوجة الربع، وللأب الباقي.
مثال إرثها الثمن: مات شخص عن زوجته، وابنه؛ فللزوجة الثمن، وللابن الباقي.
والزوجتان فأكثر كالزوجة الواحدة، فلا يزيد الفرض بزيادتهن؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ13).

(3) ميراث الأم:
ميراث الأم: الثلث، أو السدس، أو ثُلُث الباقي.
فتَرِثُ الأم ثُلُث التركة، بشرط ألا يكون للميت فرعٌ وارث، ولا عدد من الإخوة والأخوات، وألا تكون المسألة إحدى العُمريتينِ؛ (نسبة لعمر بن الخطاب؛ لأنه أول من قضى بهما).
وترث الأم السدس إذا كان للميت فرعٌ وارث، أو عدد من الإخوة أو الأخوات.

وترث ثلث الباقي في المسألتين العمريتين، وهما:
(1) زوج وأم وأب: تقسم التركة من ستة: للزوج النصف؛ ثلاثة، وللأم ثلث الباقي؛ واحد، والباقي اثنان للأب.
(2) زوجة وأم وأب: تقسم التركة من أربعة: للزوجة الربع؛ واحد، وللأم ثلث الباقي؛ واحد، والباقي اثنان للأب؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ18 / 23)

مثال إرثها الثلث: مات شخص عن أمه وأبيه؛ فللأم الثلث، وللأب الباقي.
مثال إرثها السدس: مات شخص عن أمه وابنه؛ فللأم السدس، وللابن الباقي.
مثال آخر: مات شخص عن أمه وأخويه الشقيقين؛ فللأم السدس، وللشقيقين الباقي؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ15).

(4) ميراث الأب:
ميراث الأب بالفرض فقط، وهو السدس، أو بالتعصيب فقط، أو بالفرض والتعصيب معًا:
فيرث الأب بالفرض فقط، وهو السُّدس، بشرط أن يكون للميت فرع وارث ذَكَر؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ [النساء: 11].

ويرث الأب بالتعصيب فقط إذا لم يكن للميتِ فرعٌ وارث؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ﴾ [النساء: 11]، ففرض الله تعالى للأم ولم يفرِض للأب، فدلَّ على أنه يرث في هذه الحال بالتعصيب فقط.

ويرث الأب بالفرض والتعصيب معًا، بشرط أن يكون للميت فرع وارث أنثى، لا ذكر معها؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ19).
مثال إرثه بالفرض فقط: مات شخص عن أبيه وابنه؛ فللأب السدس، وللابن الباقي.
مثال إرثه بالتعصيب فقط: مات شخص عن زوجته وأبيه؛ فللزوجة الربع، وللأب الباقي.
مثال إرثه بالفرض والتعصيب: مات شخص عن ابنته وأبيه؛ فللبنت النصف، وللأب السُّدس فرضًا، والباقي تعصيبًا؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ16).

(5) ميراث الجد:
المراد بالجد هو الجد الصحيح، وهو مَن لم يكن بينه وبين الميت أنثى؛ كأب الأم.
ولا يرث جدٌّ مع وجود الأب، ولا مع وجود جد أقرب منه؛ كأب أب الأب مع وجود أب الأب.

وميراث الجد بالفرض فقط، وهو السدس، وبالتعصيب فقط، وبالفرض والتعصيب معًا:
فيرث الجد بالفرض فقط، بشرط أن يكون للميت فرع وارث ذكر.
ويرث الجد بالتعصيب فقط، بشرط ألا يكون للميت فرع وارث.
ويرث الجد بالفرض والتعصيب معًا، بشرط أن يكون للميت فرع وارث أنثى لا ذكر معها؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ65).

مثال إرثه بالفرض فقط: مات شخص عن جده وابنه، فللجد السدس، وللابن الباقي.
مثال إرثه بالتعصيب فقط: مات شخصٌ عن أمِّه وجده؛ فللأم الثلث، وللجد الباقي.
مثال إرثه بالفرض والتعصيب: مات شخص عن بنته وجدِّه؛ فللبنت النصف، وللجد السُّدس فرضًا، والباقي تعصيبًا؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ16).

(6) ميراث الجدة:
المراد بالجدة هي الجدة الصحيحة، وهي: مَن لم تُدْلِ بذَكَر بينه وبين الميت أنثى كأمِّ أب الأم.
ولا ترث جدةٌ مع وجود الأم، ولا مع وجود جدة أقرب منها؛ كأم أم الأم مع وجود أم الأب.

وميراث الجدة الواحدة السدس، فإن تعدَّدْنَ فالسُّدس بينهن بالتساوي، ولا يزيد الفرض بزيادتهن؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ54 / 55).

مثال إرث الجدة الواحدة:
مات شخص عن جدته (أم أبيه) وابنه؛ فللجدة السدس، وللابن الباقي.
مثال إرث الجدات المتعددات: مات شخص عن جدَّاتِه (أم أم أمه، وأم أم أبيه، وأم أب أبيه)، وأبيه، فللجدات السدس بالسوية، وللأب الباقي؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ19).

(7) ميراث البنات:
البنات يرثن تارة بالفرض، وتارة بالتعصيب بالغير.
فيرثن بالفرض إذا لم يكن معهن أخوهن، فإن كانَتْ واحدةً فلها النصف، وإن كانتا اثنتينِ فأكثر فلهما الثُّلثان؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ﴾ [النساء: 11].

ويرثن بالتعصيب بالغير إذا كان معهن أخوهن؛ لقوله تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11].

مثال إرثهن بالتعصيب: مات شخص عن ابنه وبنته، فلهما المال كله، للولد سهمانِ، وللبنت سهم واحد.

مثال إرث الواحدة بالفرض النصف: مات شخص عن زوجته، وابنته، وأخيه الشقيق؛ فللزوجة الثمن، وللبنت النصف، وللشقيق الباقي.

مثال إرث الثنتين بالفرض الثلثين: مات شخص عن بنتيه وأبيه؛ فللبنتين الثلثان، وللأب السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا.

مثال إرث الأكثر من الثنتين بالفرض الثلثين: مات شخص عن بناته الثلاث وأمه وأبيه؛ فللبنات الثلثان، وللأم السدس، وللأب السدس، ولم يَرِثِ الأبُ هنا بالتعصيب؛ لأنه لم يبقَ بعد الفرض شيء؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ19)

(8) ميراث بنات الابن:
المراد ببنات الابن: كل أنثى من الفروع أدلَتْ بذكر ليس بينه وبين الميت أنثى، وإن كان نازلًا.
لا ترث بنات الابن مع وجود ذَكَر وارثٍ من الفروع أعلى منهن مطلقًا، ولا مع وجود أُنثَيَيْن وارثتين من الفروع أعلى منهن، إلا أن يكون للميت ابن ابن بدرجتهن، أو أنزل منهن فيرِثْن معه بالتعصيب؛ للذكر مثل حظ الأُنْثَيينِ، وميراثُهن فيما سوى ذلك بالتعصيب فقط، وبالفرض فقط، فيرثن بالتعصيب بشرط أن يكون للميت ابن ابن بدرجتهن، للذكر مثل حظ الأنثيين، ويرثن بالفرض، بشرط ألا يكون للميت ابن ابن بدرجتِهن؛ للواحدة النصف، وللثنتين فأكثر الثلثان، إلا أن يوجد أنثى من الفروع أعلى منهن ورثت النصف، فيرثن السدس تكملة الثلثين، سواء كن واحدة أو أكثر، لا يزيد الفرض عن السُّدس بزيادتهن.

مثال إرثهن بالتعصيب مع وجود أُنثيَيْنِ وارثتينِ من الفروع أعلى منهن:
مات شخص عن: بنتيه، وبنت ابنه، وابن ابنه؛ فللبنتين الثلثان، ولبنت الابن وابن الابن الباقي؛ له سهمان، ولها سهم واحد.
في هذا المثال عصبهن ابن ابن بدرجتِهن.

مثال آخر: مات شخص عن: بنتَي ابنه، وبنت ابن ابنه، وابن ابن ابن ابنه؛ فلبنتَي الابن الثُّلثان، ولبنت ابن الابن وابن ابن ابن الابن الباقي؛ له سهمان، ولها سهم واحد.
في هذا المثال عصَّبهن ابن ابن أنزل منهن.

مثال إرثهن بالتعصيب مع ابن ابن بدرجتهن:
مات شخصٌ عن: زوجته، وبنت ابنه، وابن ابنه؛ فللزوجة الثُّمن، ولبنت الابن وابن الابن الباقي؛ له سهمان، ولها سهم واحد.

مثال إرث الواحدة بالفرض النصف:
ماتت امرأة عن: زوجها، وبنت ابنها، وابن ابن ابنها؛ فللزوج الرُّبع، ولبنت الابن النصف، ولابن ابن الابن الباقي.

مثال إرث الثنتين بالفرض الثلثين:
مات شخص عن: جدته (أم أمه)، وابنتَي ابنه، وأبيه؛ فللجدة السُّدس، ولابنتي الابن الثلثان، وللأب السدس.

مثال إرث الأكثر من الثنتين بالفرض الثلثين:
مات شخص عن بنات ابنه الثلاث، وأبيه؛ فلبنات الابن الثُّلثان، وللأب السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا.

مثال إرث الواحدة السدس مع أنثى مِن الفروع أعلى منها ورثت النصف:
مات شخص عن: بنته، وبنت ابنه، وابن ابن ابنه؛ فللبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثُّلُثين، ولابن ابن الابن الباقي.

مثال إرث الأكثر من واحدة السدس:
ماتتِ امرأةٌ عن: زوجِها، وبنتها، وبنات ابنها، وعمها؛ فللزوج الرُّبع، وللبنت النصف، ولبنات الابن السدس تكملة الثُّلُثين، وللعم الباقي؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ21).

(9) ميراث الأخوات من غير الأم:
المراد بالأخوات من غير الأم: الأخوات الشقيقات، والأخوات من الأب.
لا يرث أحدٌ من الإخوة أو الأخوات مع وجود ذَكَر وارث من الفروع أو الأصول.

(1) ميراث الشقيقات:
ميراث الشقيقات بالتعصيب بالغير، وبالتعصيب مع الغير، وبالفرض.
فيرثن بالتعصيب بالغير إذا كان للميت أخ شقيق، ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11].
ويرثن بالتعصيب مع الغير إذا كان للميت أُنثى من الفروع، وارثة بالفرض، فيَكُنَّ بمنزلة الإخوة الأشقاء.
ويرثن بالفرض فيما سوى ذلك؛ للواحدة النصف، وللثنتين - فأكثر - الثُّلثان.

مثال إرثهن بالتعصيب بالغير:
مات شخص عن: أخته الشقيقة، وأخيه الشقيق؛ فلهما المال كله؛ له سهمان، ولها سهم واحد.

مثال إرثهن بالتعصيب مع الغير:
مات شخص عن: بنته، وبنت ابنه، وأخته الشقيقة، وأخيه من أبيه؛ فللبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثُّلثين، وللشقيقة الباقي، ولا شيء للأخ من الأب.

مثال إرث الواحدة بالفرض:
مات شخص عن: أخته الشقيقة، وزوجته، وأخيه من أبيه؛ فللشقيقة النصف، وللزوجة الربع، وللأخ من الأب الباقي.

مثال إرث الثنتين بالفرض:
مات شخص عن أختَيْه الشقيقتينِ، وأمه، وعمه الشقيق؛ فللشقيقتين الثلثان، وللأم السدس، وللعم الباقي.

مثال إرث الأكثر من الثنتين بالفرض:
مات شخص عن: أخواته الثلاث الشقيقات وجدَّته (أم أبيه)، وأخيه من أبيه؛ فللشقيقات الثُّلثان، وللجدَّة السدس، وللأخ من الأب الباقي.

(2) ميراث الأخوات من الأب:
لا تَرِث الأَخوات من الأب مع وجود ذَكَر وارث من الأشقاء مطلقًا، ولا مع وجود اثنتين فأكثرَ مِن الشقيقات، إلا أن يكون للميت أخ مِن أب فيَرِثْنَ معه بالتعصيب، ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11]، ويَرِثْن مع الشقيقة الواحدة السُّدس تكملة الثلثين، سواء كن واحدة أم أكثر، لا يزيد الفرض عن السدس بزيادتهن، وميراثهن فيما سوى ذلك كميراثِ الشقيقات.

مثال إرثهن مع الشقيقتين بالتعصيب:
مات شخص عن: أختيه الشقيقتين، وأخته من أبيه، وأخيه من أبيه؛ فللشقيقتين الثلثان، وللأخ من الأب والأخت من الأب الباقي؛ له سهمان، ولها سهم واحد.

مثال إرثهن مع الشقيقة السدس:
مات شخص عن: أخته الشقيقة، وأخته من أبيه، وعمه الشقيق؛ فللشقيقة النصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللعم الباقي.

مثال آخر: مات شخصٌ عن أخته الشقيقة، وأختَيْه من أبيه، وأمه، وعمه الشقيق؛ فللشقيقة النصف، وللأختينِ مِن الأب السدس تكملة الثلثين، وللأم السدس، وللعم الباقي؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ21).

(10) ميراث الإخوة والأخوات من الأم:
أولاد الأم: هم الإخوة والأخوات من الأم.
أولاد الأم لا يرثون مع وجود أحدٍ وارثٍ مِن الفروع، أو ذَكَر وارث من الأصول، وميراثهم بالفرض للواحد منهم السدس، ولاثنين فأكثر الثلث بالتساوي، لا يفضل ذَكَرهم على أنثاهم.

مثال إرث الواحد:
مات شخص عن: أخته من أمِّه، وأخته الشقيقة، وأختَيْه من الأب، وأمه؛ فللأخت من الأم السُّدس، وللأخت الشقيقة النصف، وللأختين من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأم السدس.

مثال إرث الاثنين: أن يموتَ شخصٌ عن أخوَيْه من أمه، وأختيه الشقيتين؛ فللأخوينِ مِن الأم الثُّلث بالسوية، وللشقيقتين الثلثان.

مثال آخر الأكثر من الاثنينِ:
مات شخص عن أخيه من أمه، وأختيه منها، وأخيه الشقيق؛ فللأخوين والأخت من الأم الثلث بالسوية، وللشقيق الباقي؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ27).

فائدة هامة:
إذا اجتمعَتْ فروضٌ تزيد على المسألة، لم يسقط أحدٌ مِن أصحابها؛ لأنه ليس أحدُهم أَوْلَى بالسقوط من الآخر، فتعُول المسألة إلى منتهى فروضها، ويكون النقص على الجميع بالقسط منسوبًا إلى منتهى عولها.

المثال الأول:
ماتَتِ امرأةٌ عن: زوجها، وأختيها الشقيقتين؛ فللزوج النصف، وللشقيقتين الثلثان، وتعول من ستة إلى سبعة، وينقص مِن فرض كل واحد سبعه، فيأخذ الزوج ثلاثة مِن سبعة، وتأخذ الشقيقتان أربعة من سبعة.

المثال الثاني:
ماتت امرأة عن: زوجها، وأمها، وأختَيْها الشقيقتين، وأختَيْها من أمها؛ فللزوج النصف، وللأم السُّدس، وللشقيقتين الثلثان، وللأختين من الأم الثُّلث، وتعول مِن ستة إلى عشرة، وينقص من فرض كل واحد خمساه، فيكون للزوج ثلاثة مِن عشرة، وللأم واحد من عشرة، وللشقيقتين أربعة من عشرة، وللأختين مِن الأم اثنان من عشرة.

المثال الثالث:
مات شخص عن: زوجته، وأختيه الشقيقتين، وأخته من أمه؛ فللزوجة الربع، وللشقيقتين الثلثان، وللأخت من الأم السدس، وتَعُولُ مِن اثنَي عشر إلى ثلاثة عشر، وينقص مِن فرض كل واحد سهمٌ مِن ثلاثة عشر سهمًا.

المثال الرابع:
مات شخص عن: زوجته، وابنتَيْه، وأمه، وأبيه؛ فللزوجة الثمن، وللبنتين الثلثان، وللأم السدس، وللأب السدس، وتعول من أربعة وعشرين إلى سبعة وعشرين، وينقص من فرض كل واحد تسعه، فيكون للزوجة ثلاثة أسهم من سبعة وعشرين، وللبنتين ستةَ عشرَ سهمًا من سبعة وعشرين، وللأم أربعة أسهم من سبعة وعشرين، وللأب أربعة أسهم مِن سبعة وعشرين؛ (تلخيص فقه الفرائض؛ لابن عثيمين صـ 28).

ميراث ذوي الأرحام:
تعريف ذوي الأرحام:
ذوو الأرحام: هم الأقارب الذين لا فرض لهم ولا تعصيب، وهم أحدَ عشرَ:
ولد البنات، وولد الأَخوات، وبنات الإخوة، وولد الإخوة من الأم، والعمَّات من جميع الجهات، والعم من الأم، والأخوال، والخالات، وبنات الأعمام، والجد أبو الأم، وكل جدة أَدْلَت بأبٍ بين أُمَّينِ، أو بأبٍ أعلى مِن الجد؛ فهؤلاء ومَن أدلى بهم يُسمَّون ذوي الأرحام؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ82).

كيفية توريث ذوي الأرحام:
ذوو الأرحام يرِثون بتنزيلهم منزلةَ مَن أدلوا به مِن أصحاب الفروض والعصبات، فيُعطَى أحدهم ما يُعطَاه مُورِّثه الذي أدلى به ونزل منزلته، فلو توفي رجل عن: بنت بنت، وابن أخت، فالتركة بينهما نصفين، فلبنت البنت النصف؛ لأنه ميراث أمها، ولابن الأخت النصف؛ لأنه ميراث أمه؛ إذ لو مات رجل وترك بنتًا وأختًا، لكانت التركة بينهما نصفين؛ لأن فرض البنت النصف، وفرض الأخت النصف، ولو افترضنا أن الأختَ كانت شقيقة، وكان معها بنت أخ لأب، لم يكن لبنتِ الأخ شيء؛ لأن مَن أَدْلَت به - وهو الأخ لأب - محجوبٌ بالأخت الشقيقة، وتبقى التركة بين بنت البنت وابن الأخت نصفين؛ (منهاج المسلم؛ لأبي بكر الجزائري صـ399).

الوصية:
تعريف الوصية: الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت.
شروط الوصية:
شروط الوصية هي:
1) قَبول الوصية لا يعتبر إلا بعد موت الموصي.
2) تكون الوصية فيما يتركه الميت من الأموال صافيًا عن تعلُّق حق الغير بعينٍ منها.
3) الأموال التي تخرج منها الوصية تشملُ العقارات والمنقولات والدُّيون التي للميت على الغير.
4) لا تنفذ الوصيةُ إلا بعد تجهيز الميت وسداد ما عليه من دُيُون.
5) تقدَّم الوصية الواجبة في التنفيذ على غيرِها من وصايا، فإن بقي شيء بعدها من الثلث، تنفذ فيه الوصايا الاختيارية.
6) إذا زادت قيمةُ الوصية الاختيارية عن ثُلُث التركة، فلا تنفذ في الزيادة إلا بإجازة الورثة؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ2 صـ359).

هبة غير المسلم لقريبه المسلم:
يجوز للمسلم أن يأخذ هِبَة أقاربه غير المسلمين، بشرط ألا يكون في أخذه لهذا المال فتنةٌ له باستمالته إلى دينهم ونحو ذلك، وكان الواهبون مرشدين في أمور دنياهم، وكانوا على علم بأن المسلم لا يرث غير المسلم؛ (فتاوى اللجنة الدائمة جـ16 فتوى رقم 7301 صـ 549).

ميراث الزوجة المطلقة رجعيًّا:
إذا طلَّق الرجل زوجته طلاقًا رجعيًّا، ومات قبل انقضاء عدتها، فإنها ترِثُ منه؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ194)، (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ2 صـ 379)، (فتاوى اللجنة الدائمة جـ16 فتوى رقم 1587 صـ 504).

الكلالة:
الكلالة: مأخوذةٌ مِن الإكليل الذي يُحيط بالرأس مِن جوانبه؛ ولهذا فسَّرها أكثر العلماء: بمن يموت وليس له ولد، ولا والد؛ (تفسير ابن كثير جـ4 صـ 394).

قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾ [النساء: 12].

وقال سبحانه: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176].

التفاضل بين الأبناء في الهبة:
لا يجوز تفضيلُ بعضِ الأولاد على بعض في العطايا، أو تخصيص بعضهم بها؛ فكلُّهم أولاد الرجل، وكلُّهم يُرجَى بِرُّه، فلا يجوزُ أن يخص بعضهم بالعَطيَّة دون بعض، وتكون العطية كالميراث، والتسوية تكون للذَّكر مثل حظ الأُنْثَيينِ، فإن هذا هو الذي جعله الله تعالى لهم في الميراث، وهو سبحانه الحَكَم العدل، فيكون المؤمن في عطيته لأولاده كذلك.

روى البخاري عن النُّعمان بن بَشِير رضي الله عنهما، قال: أعطاني أبي عطيةً، فقالت عَمْرَة بنت رواحة (والدة النعمان): لا أرضى حتى تُشهِد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أعطيتُ ابنِي مِن عمرةَ بنتِ رواحة عطيةً، فأمرَتْني أن أُشهِدك يا رسول الله، قال: ((أعطيتَ سائر ولدك مثل هذا؟))، قال: لا، قال: ((فاتقوا الله واعدِلوا بين أولادكم))، قال: فرجع فردَّ عطيتَه؛ (البخاري حديث: 2587)

حرمان البنات من الميراث:
بيَّن الله تعالى الورثةَ ونصيبَ كلٍّ منهم في سورة النساء، ومِن هؤلاء: البنات، وأوصى بإيتاء كلِّ ذي حق حقَّه، وختم آيات الميراثِ الأولى منها بقوله: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 13، 14]، وختم الآية الأخيرةَ مِن السورة بقوله: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176].

فمَن حَرَمَ البنتَ أو غيرَها مِن الحق الذي جعله الله لها دون رضاها وطِيب نفس منها، فقد عصى الله ورسولَه صلى الله عليه وسلم، واتَّبع هواه، واستولت عليه العصبيةُ الممقوتة والحَمِيَّة الجاهلية، ومأواه جهنم إن لم يَتُب ويؤدِّ الحقوق لأصحابها؛ (فتاوى اللجنة الدائمة جـ16 فتوى رقم 2514صـ493).

ميراث الزوجة الناشز من زوجها:
يرث كلٌّ مِن الزوجين الآخر ما دام عقد النكاح قائمًا بينهما، سواء كانت المرأة طائعةً لزوجها المتوفَّى، أم خارجة عن طاعته بالنشوز؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12].

ميراث ولد الزنا أو اللعان:
يرث ولد الزنا واللعان من جهة الأم فقط؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ114 / 122).

ميراث الغرقى:
لا يرث الغرقى بعضُهم مِن بعض إذا لم يُعلَم أيهم مات أولًا، ومالُ كل واحد منهم لورثته الأحياء؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ 171).

ميراث المفقود:
تعريف المفقود:
المفقود هو الغائب الذي لا يُدْرَى مكانه، ولا حياته ولا موته.

الأحكام المتعلقة بالمفقود:
(1) المفقود حيٌّ في حق الأحكام التي تضرُّه، فلا يقسم ماله على ورثته، ولا يُفرَّق بينه وبين زوجته قبل الحكم بموته.

(2) المفقود ميتٌ في حق الأحكام التي تنفعه وتضر غيره، فلا يرث مِن غيره، ولا يحكم باستحقاقه لِما أوصى له به.

(3) يوقف للمفقود نصيبه في الإرث والوصية، فإن ظهر حيًّا أخذه، وإذا حُكم بموته رُدَّ هذا النصيب إلى مَن يرث مُورِّثه وقتَ موت ذلك المُورِّث، وقسم ماله بين ورثته الموجودين وقت صدور الحكم بموته.

(4) إذا حكم القاضي بموت المفقود اعتبر ميتًا مِن حين فقده بالنسبة لنصيبه الموقوف له من تركة مورِّثه، ويُرَد إلى ورثة مورِّثه الموجودين حال وفاة المورث، ويعتبر ميتًا من وقت صدور الحكم بالنسبة لتركته، فيستحقها ورثته الموجودون وقت الحكم باعتباره ميتًا.

(5) اعتبار المفقود ميتًا مِن وقت فقده، بِناءً على ما ترجَّح لدى القاضي من القرائن والظروف والأحوال المحيطة بالمفقود، لا بِناءً على الأدلة المُثبِتة لوفاته في تاريخ معيَّن؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ2 صـ 361).

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلَ هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

No comments:

Post a Comment