صوموا تصحوا.. شهر الوقاية من الأمراض!
ماذا سنأكل اليوم؟ سؤال يطرح نفسه كل يوم .. ثم نبدأ نتفنن كسيدات منزل في الأكلات الشهية والعزائم والولائم وغيرها من حلويات شرقية، فهذا هو رمضان شهر البقلاوة والزلابيا، وما أطيبه التمر و خشاف ومكسرات رمضان بعد الإفطار إلى غير ذلك من الملذات في رمضان, حتى أصبح هذا الجانب له عظيم الأثر في إحساسنا بشهر رمضان, ونسينا أو تناسينا هذه الآية الكريمة ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأعراف:31)
قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" (1)
كما أن المعدة هي بيت الداء، فحينما نذهب للطبيب لمرض ما فيبدأ العلاج ويقول المهم هو اتباع حمية أو رجيم لخفض الوزن وبعد ذلك يكتب العلاج.
والله عز وجل أمرنا بالصيام كما في قوله تعالى
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كما كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (سورة البقرة ،آية183)،
فلطالما كتب الله علينا الصيام، فبالتأكيد هي لحكمة عظيمة لا نعلمها فنحن، نخبر أبناءنا دائماً أن من حكم الصيام هو التقرب للفقراء لنرى معيشتهم ولكننا نتفنن في هذا الشهر في شتي أنواع الطعام، ولكن الأطباء يرون أن لهذا الشهر فوائد عظيمة غير الروحانيات والعبادات على الصحة النفسية والبدنية للإنسان فهو شهر للوقاية من الأمراض .
الحيوانات والطيور أيضاً تصوم:
فلقد لوحظ أن الأسماك والطيور في أوقات معينة من السنة تعتزل الطعام، بالرغم من توافره حولها وتدخل في بيوتها، ولا تبحث عن أي طعام، أليس هذا نوع من أنواع الصيام أيضاً.
وفي هذا يقول الأستاذ مختار سالم في كتابه الطب الإسلامي بين العقيدة والإبداع:" اكتشف علماء الطبيعة أن الإنسان ليس هو الكائن الحي الذي يصوم فقط، وإنما جميع المخلوقات الحية في الكون تمر بفترة صوم اختياري مهما توفر لها الغذاء في الطبيعة حولها، فالحيوانات تصوم فهناك من الحيوانات ما يسكن في حجرة أياما وربما شهورا متوالية يمتنع فيها عن الحركة والأكل، والطيور أيضا تصوم، فمن الطيور ما يكمن في عشه ويمتنع عن الطعام في مواسم معينة كل عام. والأسماك أيضاً تصوم فبعض الأسماك يدفن نفسه في قاع المحيط أو قاع النهر لفترة معينة بدون أكل. والحشرات كذلك تصوم فمن المعروف أن الحشرة تمر بمرحلة تتحوصل فيها وتمتنع عن الطعام، وحتى النبات أيضا يصوم، لقد لاحظ العلماء أن هذه المخلوقات تخرج بعد فترة الصيام هذه أكثر نشاطاً وحيوية، وان أكثرها يزداد نموا وصحة بعد الصوم، فالحيوانات منها ما يجدد جلده وقواه والطائر يكتسي ريشا جديداً زاهيا ويبدأ في التزاوج والحشرة تخرج بعد صيامها لتأكل بنهم شديد وتتكاثر بسرعة والنبات ينمو ويترعرع ويصبح أكثر نضجاً بعد فترة صيامه"(2).
فرصة للوقاية من الأمراض:
حيث إن الجسم يبدأ في استهلاك المخزون من المواد السكرية والدهون، وأيضاً يستهلاك الخلايا المريضة والتالفة أثناء ساعات النهار؛ لأن وجبة السحور لاتمده بالطاقة اللازمة لاستكمال طاقته أثناء الصيام، وبعد الإفطار يتجدد بناء هذه الخلايا بصورة أفضل لتعطي الجسم الحيوية والنشاط.
الصيام يجدد الشباب:
فالصيام يعمل على إذابة الدهون المتراكمة حول الأوعية الدموية، مما يعمل على سهولة تدفق الدم في الأوعية الدموية وزيادة نسبة الأوكسجين في الدم، مما يعمل على حيوية تلك الخلايا، فالأشخاص المحافظين على الصيام طوال العام في أوقات معينة مثل المواظبة على صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع: لا يصابون بمرض تصلب الشرايين، وعلامات الشيخوخة، مما يزيد من عمل وظائف الجسم بشكل قوى وفعال.
رمضان فرصة للعلاج:
فهو يعد فترة علاجية لبعض الأمراض كما يخبرنا بها الدكتور د.جمال عبدالله باصهي مثل:
1". مرض الحساسية: فأمراض الحساسية تكون مرتبطة بأنواع معينة من الطعام، وكنتيجة للصيام ساعات طويلة: يتجنب الصائم هذه الأنواع من الطعام، فيشعر المصاب بالحساسية براحة كبيرة لبعده عن تناول هذه الأطعمة.
2. حب الشباب والبشرة الدهنية والدمامل والبثور والتهاب الثنايا كل هذه الامراض تزداد بالوجبات كثيرة الدهون، وبالطبع في الصيام يستهلك هذا المخزن من هذه الدهون مع الامتناع عن تناوله أثناء الصيام فيشعر الصائم بتحسن في بشرته.
3. مرض القلب: لقلة شرب السوائل والطعام مما يعمل على إذابة الدهون في الأوعية الدموية، فيعمل على استهلاك الدهون في الأوعية الدموية، مما يحسن عمل القلب والإقلال من أعراضه.
4. السمنة: حيث يعد رمضان شهر حمية أو رجيم صحي بدون تدخل الطبيب، بشرط الاعتدال في الطعام مع الحركة والنشاط، وبالتأكيد إننا نقلل من النوم في رمضان وذلك للعبادة من قراءة القرآن وصلاة وغيرها.
5. اضطرابات الجهاز الهضمي: من سوء هضم وحموضة وتهيج للقولون، فنتيجة للامتناع عن الطعام ساعات طويلة نتيح الفرصة للجهاز الهضمي من أغشية وعضلات بأن تقوي وتنشط ، وبما أن هذا الشهر الكريم شهر فرحة فإنه يعود على النفس بالسعادة والطمأنينة، فيعود ذلك بالنفع على الجهاز الهضمي وبالأخص القولون العصبي"(3).
كل هذا الخير من قدوم هذا الشهر على الصحة والنفس فهل نساعده؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش"(4).
فنحن نجد المسرفين في الطعام بالأخص في رمضان: ينامون طوال النهار مما يعود على الجسم بالكسل وعدم استهلاك المخزون من الخلايا الدهنية، بل يضيف لها المزيد من الدهون، فنتيجة لذلك نجد الأشخاص يزيد وزنهم في رمضان ويحرمون نعمة تحسن الصحة، وزيادة حيوية الجسم بسبب إسرافهم في الطعام.
ألا يجب علينا الاستفادة الصحية أيضاً من هذا الشهر الكريم حتى ينتهي وقد اكتمل خيره علينا جسديا ودينيا وروحياً.
ـــــــــــــــــــ
الإحالات (الهوامش):
(1) رواه الترمذي، في باب الزهد عن رسول الله، باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل،حديث رقم 2302 .
(2) الطب الإسلامي بين العقيدة والإبداع/ سالم مختار/ط1 - 1988/مؤسسة المعارف/ بيروت -لبنان/28ص.
(3) موقع مجلة صحة/ صيام شهر رمضان فرصة وقائية وعلاجية/د.جمال عبدالله باصهي.
(4) رواه ابن خزيمة في صحيحه،(كتاب الصيام،باب نفي ثواب الصوم عن الممسك عن الطعام والشراب مع ارتكابه ما زجرعنه غير الأ كل والشرب ، رقم 1997).
.................
No comments:
Post a Comment