Monday, 28 September 2015

لَیْسَ الغَریبُ غَریبَ الشَّأمِ والیَمَنِ


لَیْسَ الغَریبُ غَریبَ الشَّأمِ والیَمَنِ
إِنَّ الغَریبَ غَریبُ اللَّحدِ والکَفَنِ
إِنَّ الغَریِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتـِهِ
على الْمُقیمینَ فی الأَوطــانِ والسَّکَنِ
سَفَری بَعیدٌ وَزادی لَنْ یُبَلِّغَنـی 
وَقُوَّتی ضَعُفَتْ والمـوتُ یَطلُبُنـی
وَلی بَقایــا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها
الله یَعْلَمُهــا فی السِّرِ والعَلَنِ
مـَا أَحْلَمَ اللهَ عَنی حَیْثُ أَمْهَلَنی
وقَدْ تَمـادَیْتُ فی ذَنْبی ویَسْتُرُنِی
تَمُرُّ سـاعـاتُ أَیّـَامی بِلا نَدَمٍ
ولا بُکاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حـَزَنِ
أَنَـا الَّذِی أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً
عَلى المعاصِی وَعَیْنُ اللهِ تَنْظُرُنـی
یَـا زَلَّةً کُتِبَتْ فی غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ
یَـا حَسْرَةً بَقِیَتْ فی القَلبِ تُحْرِقُنی
دَعْنی أَنُوحُ عَلى نَفْسی وَأَنْدِبُـهـا
وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْکِیـرِ وَالحَزَنِ
کَأَنَّنی بَینَ تلک الأَهلِ مُنطَرِحــَاً
عَلى الفِراشِ وَأَیْدیهِمْ تُقَلِّبُنــی
وَقد أَتَوْا بِطَبیبٍ کَـیْ یُعالِجَنـی
وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا الیـومَ یَنْفَعُنی
واشَتد نَزْعِی وَصَار المَوتُ یَجْذِبُـها
مِن کُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِنی فی تَغَرْغُرِها
وصـَارَ رِیقی مَریراً حِینَ غَرْغَرَنی
وَغَمَّضُونی وَراحَ الکُلُّ وانْصَرَفوا
بَعْدَ الإِیاسِ وَجَدُّوا فی شِرَا الکَفَنِ
وَقـامَ مَنْ کانَ حِبَّ لنّاسِ فی عَجَلٍ
نَحْوَ المُغَسِّلِ یَأْتینـی یُغَسِّلُنــی
وَقــالَ یـا قَوْمِ نَبْغِی غاسِلاً حَذِقاً
حُراً أَرِیباً لَبِیبـاً عَارِفـاً فَطِنِ
فَجــاءَنی رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَنی
مِنَ الثِّیــابِ وَأَعْرَانی وأَفْرَدَنی
وَأَوْدَعونی عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحـاً
وَصـَارَ فَوْقی خَرِیرُ الماءِ یَنْظِفُنی
وَأَسْکَبَ الماءَ مِنْ فَوقی وَغَسَّلَنی
غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالکَفَنِ
وَأَلْبَسُونی ثِیابـاً لا کِمامَ لهـا
وَصارَ زَادی حَنُوطِی حیـنَ حَنَّطَنی
وأَخْرَجونی مِنَ الدُّنیـا فَوا أَسَفاً
عَلى رَحِیـلٍ بِلا زادٍ یُبَلِّغُنـی
وَحَمَّلونی على الأْکتـافِ أَربَعَةٌ
مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِی مَنْ یُشَیِّعُنی
وَقَدَّمونی إِلى المحرابِ وانصَرَفوا
خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ وَدَّعَنی
صَلَّوْا عَلَیَّ صَلاةً لا رُکوعَ لهـا
ولا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ یَرْحَمُنی
وَأَنْزَلونی إلـى قَبری على مَهَلٍ
وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهـم یُلَحِّدُنـی
وَکَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهی لِیَنْظُرَنی
وَأَسْکَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَیْنیهِ أَغْرَقَنی
فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً
وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِی وفـارَقَنی
وقَالَ هُلُّوا علیه التُّرْبَ واغْتَنِموا
حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِی المِنَنِ
فی ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاک ولا
أَبٌ شَفـیقٌ ولا أَخٌ یُؤَنِّسُنــی
فَرِیدٌ وَحِیدُ القبرِ، یــا أَسَفـاً
عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ یُزَوِّدُنـی
وَهالَنی صُورَةً فی العینِ إِذْ نَظَرَتْ
مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ کان أَدهَشَنی
مِنْ مُنکَرٍ ونکیرٍ مـا أَقولُ لهم
قَدْ هــَالَنی أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَنی
وَأَقْعَدونی وَجَدُّوا فی سُؤالِهـِمُ
مَـالِی سِوَاکَ إِلهـی مَنْ یُخَلِّصُنِی
فَامْنُنْ عَلَیَّ بِعَفْوٍ مِنک یــا أَمَلی
فَإِنَّنی مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهــَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالی بعدما انْصَرَفُوا
وَصَارَ وِزْرِی عَلى ظَهْرِی فَأَثْقَلَنی
واستَبْدَلَتْ زَوجَتی بَعْلاً لهـا بَدَلی
وَحَکَّمَتْهُ فِی الأَمْوَالِ والسَّکَـنِ
وَصَیَّرَتْ وَلَدی عَبْداً لِیَخْدُمَهــا
وَصَارَ مَـالی لهم حـِلاً بِلا ثَمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّکَ الدُّنْیــا وَزِینَتُها
وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا فی الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْیا بِأَجْمَعِها
هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَیْرِ الحَنْطِ والکَفَنِ
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْیَاک وارْضَ بِها
لَوْ لم یَکُنْ لَکَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
یَـا زَارِعَ الخَیْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً
یَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
یـَا نَفْسُ کُفِّی عَنِ العِصْیانِ واکْتَسِبِی
فِعْلاً جمیلاً لَعَلَّ اللهَ یَرحَمُنی
یَا نَفْسُ وَیْحَکِ تُوبی واعمَلِی حَسَناً
عَسى تُجازَیْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَیِّدِنـا
مَا وَصَّـا البَرْقَ فی شَّامٍ وفی یَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِینَـا وَمُصْبِحِنَا
بِالخَیْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ
https://www.youtube.com/watch?v=4QFGzBJNoDs


No comments:

Post a Comment