Wednesday, 23 January 2019

حكم تعلّم الناسخ من المنسوخ للمفسر والمحدث

حكم تعلّم الناسخ من المنسوخ للمفسر والمحدث

السلام عليكم ورحمة الله: وبعد سمعت كان رجل يعظ الناس في المسجد، فجاء علي رضي الله عنه، وسأل الناس عن هذا الرجل؟ قالوا رجل يخطب الناس.
فقال علي لهذاالرجل : أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، فقال علي له: أخرج من مسجدنا ولا تذكرالناس.
أولا: أين هذالأثر؟
ثانيا: سنده صحيح؟
ثالثا: بعض الناس يستدلون بهذا الأثر، ويقولون ان تبليغ اهل القدماء غير جائز،  لانهم اميون ولا يعرفون الناسخ من المنسوخ؟
ايس اے ساغر 

الجواب وبالله التوفيق:
رفع حكم متأخر بدليل آخر متراخ عنه يُسَمّى "نسخا".
والنسخ وقع بلاريب في القرآن الكريم . يقول الإمام ولي الله الدهلوي (ت1180هـ):
«بلغ عدد الآيات المنسوخة بآيات السيف قرابة الخمسمائة، ولو تأملت لوجدتها غير محصورة، والمنسوخ باصطلاح المتأخرين عدد قليل» (الفوز الكبير في أصول التفسير: 53- 54).
معرفة الأحكام الشرعية تتوقف على معرفة الناسخ من المنسوخ ؛ ولذالك اهتمّ العلماء الكرام بمعرفة هذا العلم اهتماما بالغا.
وكثير من أعلام الأمة أمثال بدر الدين الزركشي وجلال الدين السيوطي جعلوه عِلماً مستقلاً من علوم القرآن الكريم .و قد أفرد العلماء بتاليفات خاصة في هذا المبحث أمثال قتادة بن دعامة السدوسي، وأبو عبيد القاسم بن سلاَّم، وأبو داود السجستاني، وأبو جعفر النحاس، وهبة الله بن سلام الضرير، وابن العربي، وابن الجوزي، وابن الأنباري، ومكي، والمقري، والكرمي، وقتادة، وابن حزم، وغيرهم.
فمن كان متصدياً لتعليم الناس وإفتاءهم وتحديثهم في أمور الدين وأحكامه تلزمه معرفة الناسخ من المنسوخ لئلا يقع في إصدار الأحكام الشرعية بناءً على الأدلة المنسوخة المرفوعة .
فمعرفة الناسخ والمنسوخ تُعتبر شرطا في أهلية المفسر للتفسير والمحدث للحديث، وقد كان علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس،
لا يرضون لأحد أن يتحدث في الدين إلا إذا كان عارفا وعالما بالناسخ والمنسوخ من القرآن،
يٌحكى أن علي ابن أبي طالب دخل يوما مسجد الجامع بالكوفة، فرأى فيه رجلاً يُعْرَف بعبد الرحمن بن داب، وكان صاحباً لأبي موسى الأشعري، وقد تحلق عليه الناس [أي اجتمعوا حوله في حلقات] يسألونه، وهو يخلط الأمر بالنهي والإباحة بالحظر، فقال له علي: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا. قال له: هلكت وأهلكت. .. وأخذ أذنه وفتلها [أي فرك أذنه] وقال له: لا تقصنّ في مسجدنا بعد (من كتاب الناسخ والنسوخ لأبن سلامة).
وفيما يلي حديث علي الذي رواه عنه ابو البختريّ:
(حديث موقوف) أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى أَبِي، رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ: ثنا أَبُو سَعِيدٍ الْجَعْفَرِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ الإِيَادِيُّ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، قَالَ : دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا رَجُلٌ يُخَوِّفُ النَّاسَ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : رَجُلٌ يُذَكِّرُ النَّاسَ ، فَقَالَ : لَيْسَ بِرَجُلٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ : أَنَا فُلانُ بْنُ فُلانٍ ، فَاعْرِفُونِي ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ : أَتَعْرِفُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ ؟ فَقَالَ : لا : قَالَ : اخْرُجُ مِنْ مَسْجِدِنَا ، وَلا تَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا.
غوامض الأسماء المبهمة لابن بشكوال
رقم الحديث :212)
هكذا في تفسير السيوطي (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) 1-7 ج1 وتفسير القرطبي (البقرة 106-107)
فالناسخ والمنسوخ من أهم مباحث علوم القرآن التي يجب أن يحيط بها المفسر والمحدث علماً, لآن معرفة ذلك ذات أهمية كبرى.
وذكر ابن الجوزي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : أنه «مرّ بقاصّ [بقاضِ] فقال: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال لا. قال: هلكت وأهلكت»( ابن الجوزي: نواسخ القرآن / 29)
فهذا ، ومثله من الأحاديث والآثار يُبيّن وجوبَ تعلّم الناسخ والمنسوخ على المتصفّحين عن أحكام الشرعية والمتأمّلين في آيات الأحكام ،كما أنه يلزمهم قراءة كتب أصول الفقه القديمة والحديثة .
أما عامة المسلمين الذين لايتولون عهد الإفتاء وإصدار الأحكام الشرعية وبيان الحلال من الحرام وتفسير القرآن الكريم فلايلزمهم تعلّم الناسخ من المنسوخ .
والله أعلم بالصواب
شكيل منصور القاسمي
<https://saagartimes.blogspot.com/2019/01/blog-post_9.html>

No comments:

Post a Comment