Wednesday 19 December 2018

لبس العمامة ليس من السنن المؤكدة، إنما هو من سنن الزوائد

لبس العمامة ليس من السنن المؤكدة، إنما هو من سنن الزوائد
———————————

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  
وبعد: فيتناقل بعض الناس أنَّ لُبس العِمامةِ سنةٌ مؤكدةٌ أو واجبٌ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَوَّرَ العِمامة دائمًا، هل يقولون حقًا؟ بَيِّنُوا تُوْجَرُوا.
إيس إي ساغر 

الجواب وبالله التوفيق:
العمامة بالکسر في اللغة: اللباس الذي یُلفُّ علی الرأس تکویرًا … ولا یخرج المعنی الإصطلاحيُّ عن المعنی اللغوي. (الموسوعة الفقهية ۳۰؍۳۰۰ الکویت)
ولبس العمائم من سنن الزوائد للرسول صلى الله عليه وسلم ، وليس من سنن الهَدْيِ. 
جاء في " الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (1 / 103): "وَالسُّنَّةُ نَوْعَانِ: سُنَّةُ الْهَدْيِ ، وَتَرْكُهَا يُوجِبُ إسَاءَةً وَكَرَاهِيَةً كَالْجَمَاعَةِ ، وَالْأَذَانِ ، وَالْإِقَامَةِ وَنَحْوِهَا. وَسُنَّةُ الزَّوَائِدِ ، وَتَرْكُهَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ كَسَيْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي لِبَاسِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ ، وَالنَّفَلُ وَمِنْهُ الْمَنْدُوبُ يُثَابُ فَاعِلُهُ وَلَا يُسِيءُ تَارِكُهُ، قِيلَ: وَهُوَ دُونَ سُنَنِ الزَّوَائِدِ" انتهى. 
وفيه أيضا (1 / 103): " قَدْ مَثَّلُوا لِسُنَّةِ الزَّوَائِدِ أَيْضًا  بِتَطْوِيلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ ذَلِكَ عِبَادَةً ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَوْنِ سُنَّةِ الزَّوَائِدِ عَادَةً أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَيْهَا حَتَّى صَارَتْ عَادَةً لَهُ وَلَمْ يَتْرُكْهَا إلَّا أَحْيَانًا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ فِي الدِّينِ ، فَهِيَ فِي نَفْسِهَا عِبَادَةٌ وَسُمِّيَتْ عَادَةً لِمَا ذَكَرْنَا. وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ مِنْ مُكَمِّلَاتِ الدِّينِ وَشَعَائِرِهِ سُمِّيَتْ سُنَّةَ الزَّوَائِدِ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الْهَدْيِ، وَهِيَ السُّنَنُ الْمُؤَكَّدَةُ الْقَرِيبَةُ مِنْ الْوَاجِبِ الَّتِي يُضَلَّلُ تَارِكُهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ، وَبِخِلَافِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ كَمَا قَالُوا مَا شُرِعَ لَنَا زِيَادَةً عَلَى الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَالسُّنَّةِ بِنَوْعَيْهَا" انتهى.

و من تلك السنن الزوائد التي لا يُلامُ الرَّجُلُ على تركها لُبْسُ العمائم.
يذكر ابن قيم الجوزية  هديه صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد:
وکان یلبسها ویلبس تحتها القلنسوۃ، وکان یلبس القلنسوۃ بغیر عمامة ویلبس العمامة بغیر قلنسوۃ.
زاد المعاد 135/1

ومما لا ريب فيه أن الأحاديث النبوية  تكاثرت في فضائل التعميم وتزايدت ، غير أن معظمها ضعاف غير خالية من النكارة والعلل الخفية والرواة المتهمين المتروكين مما لاينهض دليلًا على إثبات السنن المؤكدة. 
نعم! قد ورد في لُبسه- صلى الله عليه وسلم-للعمامة حديث صحيح: عن عبد الله بن عمر قال: كنتُ عاشرَ عشرةٍ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود ‏وابن جبل وحذيفة وابن عوف وأنا وأبو سعيد فجاء فتًى من الأنصار فسلّم ثم جلس فذكر الحديث إلى أن قال ثم أمر ابن عوف فتجهز ‏لسرية بعثه عليها، فأصبح وقد اعتَمَّ بعمامةٍ كرابيس سوداءَ فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقضها فعمَّمَه فأرسل من خلفه أربع أصابع ‏أو نحوها ثم قال هكذا يا ابن عوف فاعتم فانه أعرب وأحسن ثم أمر بلالًا فدفع إليه اللواء فحمد الله وصلى على النبي - صلى الله عليه ‏وسلم - ثم قال خُذ يا ابن عوف فاغزوا جميعًا في سبيل الله قاتِلوا من كفر بالله ولا تغدروا ولا تمثلوا فهذا عهد الله وسنة نبيه فيكم.
    قال الحافظ الهيثمي: ‏روى ابن ماجه طرفًا منه، رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن
مجمع الزوائد ج: 5 ص: 120‏
     وكفى بقوله صلى الله عليه وآله وسلم دليلًا : هكذا يا ابن عوف فاعتم فإنه أعرب وأحسن. 
وهذا الحديث الصحيح  ينطق بوضوح أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لَبِسَ العمامة وارتضى لبسها؛ إلا أنه لم يداوم على الإعتجار بها مداومةَ إعفاء اللحية. والمتأمل فيما قيل في صفات العمامة يدرك أنها مما لا يستهان به من مظاهر الشرع. 
قال الشوكاني في نيل الأوطار برقم 581 في شرح  حديث : ‏وعن نافع عن ابن عمر قال : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه  قال نافع : وكان ابن ‏عمر يسدل عمامته بين كتفه رواه الترمذي.برقم 1736
 و قال الشوكاني : الحديث أخرج نحوه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال : رأيت ‏النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه. ‏
وأخرج ابن عدي من حديث جابر قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم عمامة سوداء يلبسها في العيدين ويرخيها خلفه. قال ‏ابن عدي : لا أعلم يرويه عن أبي الزبير غير العرزمي وعنه حاتم بن إسماعيل.
وأخرج الطبراني عن أبي موسى أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء قد أرخى ذؤابته من ورائه .
وقد أخرج الترمذي وأبو داود والبيهقي من حديث ركانة بن عبد يزيد الهاشمي أنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ‏فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس.
عن ابن عباس رضي اللّٰه عنهما أن النبي -صلی اللّٰه علیه وسلم- خطب الناس وعلیه عصابة دَسماء۔ (الشمائل المحمدیة / باب ما جاء في عمامة رسول اللّٰہ ص:52 رقم:118 المکتبة الإسلامیة، دکا، بنغلادیش.
عن ابن عمر رضي اللّٰہ عنهما أن النبي - صلی اللّٰہ علیہ وسلم -دخل مکة یوم الفتح وعلیه شقة سوداء۔ (المصنف لابن أبي شیبة  رقم:25466 بیروت)
عن أبي صخرۃ قال: رأیت علی عبد الرحمٰن بن یزید عصابۃ سوداء۔ (المصنف لابن أبي شیبة  رقم:25461 بیروت)
عن أبي أمامة  رضي اللّٰه عنه قال: کان رسول اللّٰه -صلی اللّٰه علیہ وسلم -لایولي والیًا حتی یعممه و یرخي لها من الجانب الأیمن نحو الأذن۔ (رواہ الطبراني وفیه جمیع بن ثقة  وهو متروك)
عن أبي الدرداء رضي اللّٰہ عنه أن اللّٰه  وملائکته یصلون علی أصحاب العمائم یوم الجمعة في الجمعة۔ (مجمع الزوائد، کتاب اللباس / باب العمائم5؍120-212، کتاب اللباس والزینة رقم:158 دار الحدیث القاهرۃ)
وبقطع النظر عن صحة الروايات وعدم صحتها يتأكد أن للعمامة أهمية  كبيرة  في حياة المسلمين، وأنها لباس الملائكة  والأشراف السادة الكرام  وأنها زينة للرجل ومظهر جماله وهيبته.
فعلى المسلمين التأسي بهدي نبيهم -صلى الله عليه وسلم- لاسيّما في المناسبات الإسلامية، كالأعياد والجمع وصلاة الجماعة وغيرها.
والله أعلم بالصواب 
شكيل منصور القاسمي
<https://saagartimes.blogspot.com/2018/12/blog-post_58.html>

No comments:

Post a Comment